الثلاثاء، 22 يناير 2013

ما نريد .. وما لا نريد!




ما نريد .. وما لا نريد!
(إننا لسنا مكلَّفين بنقل تقاليد عبس وذبيان إلى أميركا واستراليا،
إننا مكلَّفون بنقل الاسلام وحسب!) الشيخ/ محمد الغزالي؛

     منذ تدفق موجات المد السلفي المخيف في البلدان العربية والإسلامية؛ اضطربت المعايير، واختلَّتْ الموازين، واختلط الحابل بالنابل ... خاصةً عندما تمدد هذا التيار في القرى والمدن، مدعوماً بأسلحة المال والإعلام والدعاية ومآرب أخرى؛ ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب!
لقد نجح رعاة الفكر السلفي ودعاته؛ في تقديم الإسلام في صورة تقشعر من هولها الجلود، وترتعد من قساوتها الفرائص، وتوْجل منها الوحوش، وتشيب منها الرءوس!
 أجلْ! إنه الفكر السلفي؛ الذي يدعو إلى اللفظية في العقيدة، والشكلية في العبادة، والسلبية في السلوك، والسطحية في التفكير، والحرفية في التفسير، والظاهرية في الفقه، والمظهرية في الحياة!
إنه الإسلام المقطّب الوجه، العبوس القمطرير، الذي لا يعرف غير العنف في الدعوة، والخشونة في المجادلة، والغلظة في التعامل، والفظاظة في الأسلوب!
إنه الفكر السلفي؛ الجامد كالصخر، الذي لا يعرف تعدد الآراء، ولا يعترف بتنوع الاجتهادات، ولا يقر إلاَّ بالرأي الواحد، والوجه الواحد، ولا يسمع للرأي الآخر، ولا للوجهة الأخرى، ولا يرى أحدهم أن رأيه صواب يحتمل الخطأ، وأن رأي غيره خطأ يحتمل الصواب، بلْ رأيه هو الصواب الذي لا يحتمل الخطأ، ورأي الآخرين هو الخطأ المحض الذي لا يحتمل الصواب!
إنه ا الفكر السلفي؛ الذي لا يعرف التسامح مع المخالفين في الدين، ولا يقبل الحوار مع المغايرين في الفكر، ولا يأذن بوجود للمعارضين في السياسة!
إنه الفكر السلفي؛ الذي ينظر بريبة إلى المرأة؛ فيدعو إلى حبسها في البيت، وحرمانها من العمل، ومن المشاركة في الدعوة والحياة الاجتماعية والسياسية.
إنه الفكر السلفي؛ الذي لا يعنيه العدالة في توزيع الثروة، وتوكيد قاعدة الشورى في الحكم، وعدم إقرار الحرية للشعب، وعدم مساءلة اللصوص الكبار عما سلفوه وما اقترفوه، وعدم تحذير الناس من الوقوع في براثن التبعية للقوى الأجنبية، لكي ينشغل الناس بالجدال في مماحكات جدلية، وفرعيات فقهية، وجزئيات خلافية في العبادات والمعاملات!
إنه الفكر السلفي؛ الذي يتوسَّع في مساحة التحريم، حتى يكاد يجعل الحياة مجموعة من المحرمات، والمحظورات!
إنه الفكر السلفي؛ المملوء بالأحقاد والضغائن، والمكتظ بالمؤامرات والدسائس، والمتعهِّد بتصدير ثقافة الكراهية!
إنه الفكر السلفي؛ الذي يتربص بالعلماء الدوائر، ويبحث عن الزلات، ويتتبع العورات، ويخوض في الأعراض، ويتاجر بالمصطلحات!
إنه الفكر السلفي؛ القابع في دهاليز الماضي، والمنقوش في كهوف التاريخ، والمحنَّط في مقابر عصور الانحطاط!
*   *   *
 الحق أقول: إننا لا نريد الإسلام "السلفي" المفخَّخ، ولا الفقه البدوي الجاف، ولا الفكر السلفي العقيم والمخيف، ولا الكتب السلفية الحامضة؛ التي تمضمض عليها الدهر واستنشق!
إننا لا نريد العقليات المستأجرة، ولا الأدمغة المستعمرة، ولا العصابات النفعية الزاحفة من صحراء نجد، ولا المليشيات التكفيرية الهاربة من كهوف "تورا بورا"!
 لكننا؛ نريد الاسلام الحنيف، الذي جعل الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
إننا نريد فقه السنَّة الرشيد، الذي نشره أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وأئمة الهدى.
إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي يدعو إلى إصلاح ذات البيْن، ويؤمن بالأخوة الانسانية الجامعة.
إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي يؤمن بتعدد الآراء، ويسمح بتنوع الاجتهادات.
إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي يؤلِّف بين القلوب، وينزع الأحقاد، ويطهرها من الشوائب.
إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي يجمع الشتات، ويرد الخراف الضالة إلى حظيرة الإيمان.
 إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي يدعو إلى فعل الخيرات، ويملأ النفوس بهجةً وسرورا.
إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي ينشر المودة والتراحم، ويدعو بالتي هي أحسن.
 باختصــار؛ إننا نريد الفكر الاسلامي؛ الذي كان سائداً في عصر الصحابة!


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
;